منذ اندلاع الثورة التونسية رافق الانتقال الديمقراطي في البلاد وضع اقتصادي يتسم بالهشاشة، مما دفع بالحكومات المتعاقبة الى اللجوء الى التداين في محاولة لمجابهة هذه التحديات، والتي تتمثل أساسا في تراجع النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة والفقر وارتفاع نسب التضخم.
اضافة الى ذلك، تزامن هذا الوضع الصعب دخول الاقتصاد العالمي في حالة من الصراعات على المستوى العسكري والسياسي والتجاري، والتي كانت لها وقع صعب على البلاد التونسية.
كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تفاقم الأزمة الاقتصادية وخلق ضغوط إضافية على المالية العمومية وأدّت إلى تراجع ملحوظ في القدرة الشرائية للمواطن وماينفك يهدد بالتأثير على الإستقرار الإجتماعي.
وفي تفاعل مع هذا الوضع، قامت حكومة نجلاء بودن، على غرار الحكومات السابقة، بتقديم طلب رسمي من قبل الحكومة التونسية للحصول على برنامج تمويل من صندوق النقد الدولي في سبتمبر 2021 في محاولة مصيرية لإنقاذ الاقتصاد التونسي.
ولئن كان صندوق النقد الدولي أهم شريك لتونس منذ 2012 الا ان المفاوضات الاخيرة اتسمت بالتعثر ولا تزال نتيجتها غير واضحة المعالم.
ويشمل برنامج التمويل المقترح من قبل الحكومة التونسية على صندوق النقد مجموعة من الإصلاحات التي تهدف أساسا لتحقيق التوازن في المالية العمومية، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الاستثمارات والقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي.
وتتسم هذه الإصلاحات بطابع ليبرالي، في حين أن المنوال الاقتصادي التونسي يتميز بتدخل الدولة في المجال الاقتصادي، مما جعل مشروع الاتفاق محل مؤاخذات عديدة من قبل الفاعلين السياسيين وشركاء الحكومة، كما انه كان سببا في تعثر المفاوضات مع صندوق النقد بحد ذاته.
وفي إطار مشروع "زنقة 54 Impasse" الذي يهدف لإرساء فضاء لنقاشات عقلانية بنّاءة تتعلق بمواضيع تخص الشأن العام، تعقد جمعية صناع الأمل نقاشا بعنوان "مدى صمود الاقتصاد التونسي في ظل غياب اتفاقية مع صندوق النقد الدولي" يوم الثلاثاء 18 أفريل 2023 بفضاء Bibliothé ب لافايات تونس.