صناع الأمل/
تزامنا مع مناقشة مقترح قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات ضمن لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان التونسي ، والذي يهدف لتنقيح المرسوم 88 والجدل الذي يرافق هذا الموضوع، نظمت جمعية "صناع الأمل" ، في إطار مشروعها " الزنقة 54" حلقة نقاش تحت عنوان: "المجتمع المدني والدولة: أي مستقبل للعلاقة؟"، وذلك يوم الثلاثاء 16 أفريل 2024 بالمقهى الثقافي "ليبيرتي"، تم فيها التطرق الى عدة جوانب تتمحور حول تشكيل المجتمع المدني بين التجارب المقارنة والتجربة التونسية، دور المجتمع المدني في تعزيز وترسيخ الديمقراطية: المكاسب والتحديات، المرسوم 88 لسنة 2011 : تقييم دور المرسوم في تنظيم المجتمع المدني في تونس. وتداول النقاش في هذا الإطار الحاجة إلى تنقيح المرسوم 88 لسنة 2011 الدوافع والأسباب وراء تنقيح المرسوم وضمانات تعزيز دور المجتمع المدني.
وتمحور النقاش حول أداء المجتمع المدني، الإطار التشريعي المنظم له، والتحديات المطروحة مستقبلا في علاقة بالتمويل واليات العمل بعد اتخاذ إجراءات 25 جويلية، من خلال التطرق الى دور المجتمع المدني في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية منذ 2011 الى اليوم.
وقد بين عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين كريم وناس في إدارة جلسة الحوار، ان تنظيم العمل الجمعياتي في اطار المجتمع المدني موضوع قديم متجدد يطرح اليوم للنقاش العام بسبب وجود تطورات تهدد وجوده.
وتطرق الباحث في العلوم السياسية خليل عربي في بداية الجلسة الى تعريفات كلاسيكية ومعاصرة للمجتمع المدني حسب النظريات السياسية والثقافية...
وأفاد أن مفهوم المجتمع المدني في ارتباطه بالديمقراطية يفترض وجود علاقة تشارك كأفراد ومؤسسات تحرص على مراقبة الدولة من اجل المصلحة العامة.
وأوضح خليل عربي انه بعد الثورة توسع مفهوم المجتمع المدني، واصبح يعبر عن معطى أيديولوجي وثقافي فاضحى يلعب دور الوساطة للمراقبة وتحول الى مدافع عن مصالحه الخاصة من اجل المصلحة العامة...
ولكن لفت الى انه في السياق الحالي وما يحمله من عدم اعتراف بوجود المجتمع المدني يطرح مسالة الاستقلالية وكيفية تمثل المصلحة العامة.
وحسب تقدير خليل عربي فانه في ذهنية السلطة الحالية، يعد تأسيس الشركات الاهلية على أساس مفهوم التطوع والتضامن كشبيه وبديل عن فلسفة المجتمع المدني.
اما النائب محمد علي ومقرر لجنة الحقوق والحريات فتساءل قائلا: "هل هناك ضرورة لتنقيح المرسوم 88؟"
وباعتبار ان النقطة الجدلية حول تغيير مرسوم الجمعيات تتمحور حول التمويل الأجنبي والمراقبة، ابرز محمد علي ان التمويل المشبوه هناك اليات لمراقبته عبر لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي واليات المرسوم 88 الذي ينص على عقوبات تسلط على تجاوزات المجتمع المدني.
واقر محمد علي بان هناك جمعيات قامت بتجاوزات في مستوى التسفير والتمويل ومكنت من إيصال بعض الأحزاب الى السلطة...ولكن هذا راجع لكيفية التعامل مع الجمعيات وعدم تطبيق القانون، مشددا على ضرورة والاستقلالية لمنظومة المجتمع المدني عن الدولة.
وأشاد محمد علي بدور المجتمع المدني بعد 2011 حيث قال ان الجمعيات خاضت اكبر معركة وهي عدم قبول الوضع من خلال القيام بمجهود مدني في مجال الحقوق والحريات وفي مجال التنمية وفي معركة ازمة كورونا...
وتابع انه "اليوم وبعد ان أصبح المقترح الجديد امرا واقعا يجب خوض معركة مثل معركة المرسوم 54 وهي معركة مدنية سلمية ايمانا بالديمقراطية وحرية التعبير".
ودعا النائب الى العمل داخل لجنة الحقوق والحريات للحرص على عدم الاعتداء على جوهر المرسوم 88 وعدم المس بحرية تكوين الجمعيات عبر إيجاد صياغة قانونية أفضل للمقترح الجديد.
كما ذكر انه ستتم دعوة الحكومة وأيضا ممثلي المجتمع المدني لتقديم موقفه من التغييرات التي ستطال المرسوم 88.
واعتبر من جانبه مدير مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية امين غالي ان المشروع المطروح هو ابطال للمرسوم 88 اذ يهدف الى تنقيح قرابة 40 فصلا من اجل افراغ القانون من جوهر الحريات الي يتضمنها وتغيير كل المضامين ...
وأشار امين غالي في ذات الصدد الى وجود ما بين 9 و11 قانون تنظم عمل الجمعيات وهي قانون مكافحة الفساد وقانون الإرهاب والقانون الوطني للمؤسسات.. وان هناك 13 جهة من هياكل الدولة تراقب عمل الجمعيات، مؤكدا ان عدم القدرة على المراقبة تعني ان الخطأ في هذه الهياكل...
ويرى امين غالي ان الإطار القانوني سليم وجيد جدا بتقييم من الهياكل الأممية، والمرسوم 88 من أحسن 10 قوانين في العالم، داعيا الى اصلاح تطبيق القانون وليس القانون في حد ذاته..
ووفق دراسة اجراها مركز الكواكبي حول الجمعيات تبين ان هناك 40 قضية لأغلاق جمعيات.
وفي مستوى علاقة الجمعيات بالإرهاب، أبرز امين غالي ان لجنة مكافحة الإرهاب لديها سلطة تجميد ارصدة واموال أي كيان في تونس على مجرد الشبهة، وهذه القائمات فيها 4 جمعيات فقط، يعني الشبهة غير قوية. وفي لجنة التحاليل المالية: هناك جمعية واحدة لديها شبهة...
وتطرق امين غالي الى أهمية المحافظة على الإطار القانوني للجمعيات حيث ذكر انه سنة 2020 اشتغلت الجمعيات مع الدولة وحسنت الترقيم السيادي في مكافحة خطر قطاع الجمعيات. مشيرا الى ان تغيير القانون يمكن ان يؤدي الى تراجع في الترقيم السيادي لتونس
وحسب التقييمات العلمية يساهم المجتمع المدني ب1.6من الناتج القومي الخام في الاقتصاد التونسي ويوفر قرابة 80 الف موطن شغل.
وخلص امين غالي الى ان تونس دولة مفتوحة على الخارج والولوج الى التمويل الخارجي للجمعيات في تونس هو حق مكفول في المرسوم 88 بضوابط وبشفافية. والجمعية التي تخطئ يمكن ان تتم مراقبتها بشفافية.
ودعا الممثل عن منظمة "جمعيتي" علي بوزيدة الى إعادة التفكير في دور المجتمع المدني منذ 2011 الى اليوم، معتبرا ان المجتمع المدني تخلى عن دوره بعد إجراءات 25 جويلية 2021
وطالب علي بوزيدة بفتح نقاش لخلق مبادرات جديدة وطرح التمشي والرؤى الخاصة بالمجتمع المدنى على السلطة، واعادة تحقيق أكثر استقلالية من خلال إيجاد صيغ جديدة للتمويل بعيدا عن التمويل الأجنبي، والاستقلالية عن السلطة السياسية وإعادة التموقع.